أكره الحبّ

T. ‘Adnàn, Akrahu l-hubb, Dàr an-nahda, Bayrùt 2008

 

أكره الحبّ

لا أحبّ الرثاء

لأنه محضُ مجاملاتٍ متأخرةٍ

وملاطفاتٍ

نلوكها بعد فوات الأوان،

وأكره المديح

لأنه كذبٌ فصيح.

لا أحبّ الشعر القديم

لأنه يحتاج إلى كتب الشّرح

وكتائب الشُرّاح،

وأكره النقد المعاصر

لأنه عُملة سهلة.

لا أحبّ المسوّدات

تذكّرني بقصائد

لم تكتمل بعد،

أكره القصائد منشورةً

يؤلمني أن لن تكتمل قطّ.

لا أحبّ الشهرة

الأضواء تقتل

وأنا لستُ معتوهاً كالفَراش،

وأكره العيش في الظلّ

تماماً كأيّ ثمرة انطوائية

لن تنضج أصلاً.

لا أحبّ أن يكون لي أنفٌ

– أنفٌ ناتئٌ كجملة اعتراضية –

وأكره أن يكون لي ساقان

متساويان كسلّم لا يصلح لشيء

لأنه بدون درجات.

لا أحبّ السيارة

فهي عربة رعناء

يلزمها أربع عجلات

لكي تبقى على قيد التوازن،

وأكره الدرّاجة

لأنها تجري

كأي عصفور معدني جبان

لا يقوى على الطيران.

لا أحبّ أن أدعى طاهر المراكشي،

ومثلما أكره أن يُشار إليَّ بالبَنان

أكره الابتسامات الشقراء

تنكّل باسمي في مصالح البلدية

عند كلِّ نداء :

“موسيو تاءآ أدنان”.

لا أحبّ الكره

لأنه غالباً ما يكون مجانياً

وبلا أسباب وجيهة

وأكره الحبّ

لأنه مكلّف للغاية.

لا أحبّ الأحد

لأنه يوم كسول

يذكّرني بأنَّ : غداً أمرٌ،

وأكره الاثنين

(أنظُر الأحد).

لا أحبّ العيش وحيداً

فالوحدة باردة

كلَيلةٍ ديسمبرية

مُنيت بعطبٍ في جهاز التدفئة،

وأكره العيش مع الآخرين:

إنه الجحيم.

لا أحبّ أن يكون عندي

دمٌ يجري

ولا سبيل إلى اللحاق به،

وأكره ألاّ يكون عندي دم.

لا أحبّ ساعة الحائط

لأنها تذكرني بالعمر الضائع،

وأكره ساعة اليد

لأنها تسابق دقات القلب.

لا أحبّ السلم

لأن الحياة تصير رتيبةً معها

وبلا طعم

وأكره الحرب

لأنها عكس السلم.

لا أحبّ الحياة

لأنها بنت كلب،

وأكره الموتَ :

نباحَها الأخير.

طه عدنان

بودابست – مارس 2005